يبحث البنك المركزي المصري الآن عن الخيارات المناسبة لمواجهة ارتفاع معدلات التضخم الحالية. فقد ارتفع التضخم إلى مستويات تاريخية خلال الأشهر الأخيرة؛ مما يمثل تحديًا كبيرًا للبنك المركزي المصري.
ويأتي ارتفاع معدلات التضخم في ظل انخفاض قيمة الجنيه المصري مقابل الدولار الأمريكي وزيادة أسعار الوقود والكهرباء. وفي ضوء ذلك، يعمل البنك المركزي المصري على توفير السيولة الكافية للمصارف وتحفيز الإنفاق الاستثماري، بالإضافة إلى زيادة أسعار الفائدة.
في هذا السياق، من الخيارات الممكنة للبنك المركزي المصري هو زيادة أسعار الفائدة، وهو ما قد يؤدي إلى تحفيز الادخار وتقليل النفقات الحكومية ورفع معدلات الاستثمار. وعلى الجانب الآخر، قد يؤثر هذا الخيار على الأسعار للمستهلكين ورفع أعباء المديونية في المدى الطويل.
ومن الخيارات الأخرى التي يمكن أن يستخدمها البنك المركزي المصري هي زيادة الإنفاق على التنمية والبنية التحتية. وهو ما يمكن أن يحفز الاستثمار ويعزز النمو الاقتصادي في المدى الطويل، إلا أنه يتطلب مخاطرة بتضخم أكبر في المدى القريب
أما بالنسبة للأثر المباشر على الأشخاص المتضررين من الارتفاع في معدلات التضخم، فإن الأمر يشمل اللاجئين بالطبع وهم الأكثر تضرراً. إذ تأثر اللاجئون في مصر بشكل خاص بتضخم الأسعار. وتحاول الحكومة المصرية دعم اللاجئين في هذا السياق، مثل توفير السلع الأساسية والتعاون مع المؤسسات الإغاثية والمجتمع المدني ولكن مع زيادة معدلات التضخم وارتفاع الأسعار قد تجد الحكومة نفسها في مأزق حول إمكانية توفير كافة متطلبات اللاجئين في ظل التحديات الاقتصادية الراهنة
في حين ألمح الرئيس المصر عبد الفتاح السيسي إلى أنه من المستبعد خفض قيمة الجنيه المصري مرة أخرى قريبا وذلك في تصريحاته خلال مؤتمر للشباب، الأربعاء، وقال إن تلك الخطوة من شأنها أن تضر بالأمن القومي والمواطنين وفيما يتعلق بالتضخم الحالي، يناقش البنك المركزي المصري الآن الخيارات التي يمكنه الاستفادة منها لمكافحته. وفي سياق هذه المناقشات، صرح الدكتور طارق الدماطي – محافظ البنك المركزي المصري – بأن هناك خيارين، إما الاستمرار في تثبيت أسعار الفائدة، أو رفعها بنحو 50 نقطة أساس، وذلك بسبب ارتفاع معدلات التضخم إلى أعلى مستوياتها.
ومع ذلك، تعتقد الخبيرة المصرفية أن رفع أسعار الفائدة بنسبة 50 نقطة قد لا يتحقق منه الأثر المرجو في مواجهة التضخم، وذلك لأن زيادة التكاليف يمكن أن ترتفع على التجار والمنتجين الذين قد يمرون تلك الزيادة إلى المستهلكين، مما يؤدي إلى تعطيل الاقتصاد عبر تكاليف التمويل وزيادة عجز الموازنة العامة.
وأشارت الخبيرة المصرفية إلى وجود حاجة إلى “فترة هدوء” قبل اتخاذ أي إجراءات إضافية، مثل تثبيت أسعار الفائدة، وذلك بهدف تقييم الوضع الحالي. وقد اتخذ البنك المركزي المصري المزيد من الإجراءات للتصدي للتضخم، مثل تعليق خفض قيمة العملة، والذي كان متوقعًا سابقًا، من أجل خلق فرصة لإعادة التوازن أسعار العملة الأجنبية في السوق.
من جانبها، توقعت مصادر مطلعة في “سيتي غروب”، عدم اللجوء إلى خفض قيمة العملة المحلية حتى سبتمبر المقبل على الأقل، وذلك نتيجة دعمها من العائدات المتوقعة من السياحة وبيع الأصول الحكومية، مما سيرفع الضغط الملقى على الاقتصاد المصري لفترة طويلة..
ويجدر الإشارة إلى أن أي خيار يتخذه البنك المركزي المصري لمواجهة ارتفاع معدلات التضخم يتطلب موازنة بين الأولويات العامة والتحديات الاقتصادية، مع المحافظة على الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي في البلاد. ومن المتوقع أن يستمر البنك المركزي في مراقبة التطورات الاقتصادية واتخاذ الإجراءات المناسبة لتحقيق الأهداف المستقبلية للاقتصاد المصري.