على عكس التوقعات السابقة، حيث كان من المتوقع أن يكون الاقتصاد الصيني، ثاني أكبر اقتصاد في العالم، القائد والمحرك للنمو العالمي، فإن التباطؤ الذي يشهده الاقتصاد الصيني يُعَدُّ الآن مؤشرًا خطيرًا يثير قلق العالم أجمع. وبالتالي، يعمل صناع السياسة حول العالم بجدية على تجهيز أنفسهم للتأثر الاقتصادي السلبي المحتمل نتيجة لتراجع واردات الصين في مختلف المجالات، بدءًا من مواد البناء الخام وصولاً إلى الإلكترونيات.
ووفقًا لتقرير نشرته وكالة بلومبرغ، أشارت شركة كاتربيلر إلى أن الطلب الصيني على الآلات المستخدمة في مجال البناء والإنشاءات يعاني حاليًا بمستوى أسوأ مما تم توقعه سابقًا. ويعتبر قطاع العقارات والإنشاءات في الصين من بين القطاعات الحيوية والمؤثرة في اقتصاد البلاد.
وقد قام المستثمرون حول العالم بسحب ما يقرب من 10 مليارات دولار من أسواق الأسهم الصينية، مما يُعَدُّ أكبر عملية بيع لأسهم الشركات الكبرى والأكثر استقرارًا في السوق الصينية. وقد خفضت كل من شركتي “غولدمان ساكس” و”مورغان ستانلي” توقعاتهما لحركة الأسهم الصينية، وأصدرتا تحذيرات بشأن انتقال التوقعات الأقل تفاؤلاً إلى أسواق الأسهم الأخرى. وبدأ التباطؤ في نمو الاقتصاد الصيني بالفعل في الإنعكاس على الدول المجاورة، حيث سجلت اليابان انخفاضًا في صادراتها لأول مرة في أكثر من عامين خلال شهر يوليو الماضي، وذلك بسبب تخفيض الصين وارداتها اليابانية من السيارات والرقائق.
هذا وقد دفع تباطؤ نمو الاقتصاد الصيني رؤساء البنوك المركزية في كوريا الجنوبية وتايلاند الأسبوع الماضي لتخفيض توقعاتهما للنمو الاقتصادي في البلدين المجاورين للصين. ومن ناحية أخرى، أشار تقرير بلومبرغ إلى أن تباطؤ نمو الاقتصاد الصيني ساهم في استقرار أسعار النفط العالمية. وبتراجع الأداء الاقتصادي للصين، ينخفض أيضًا سعر السلع التي تتم شحنها حول العالم، وهذا يعتبر مفيدًا لدول أخرى مثل الولايات المتحدة وبريطانيا التي تعاني بالفعل من التضخم العالي. كما يمكن لدول أخرى مثل الهند أن تستفيد من تباطؤ الاقتصاد الصيني من خلال جذب الاستثمارات الأجنبية إلى أراضيها.
