يدخل المستثمرون سوق الأسهم بأمل حصاد الأرباح وتحقيق الثروة، ومع ذلك، يعاني كثيرون من الخسائر التي يلومون عليها عوامل متعددة. ومن بين هذه العوامل، يرون التلاعب في السوق كسبب رئيسي، وهو أمر يصعب إثباته بشدة حتى وإن ظهرت لهم علامات واضحة.
لتوضيح صعوبة إثبات حالات التلاعب في السوق، يمكننا أن نذكر أن هيئة سوق المال والتداول الأمريكية لم تتمكن من إثبات إلا حالة واحدة واضحة للتلاعب خلال 50 عامًا من تأسيسها. وعلى الرغم من أن بعض القضايا تم التوصل إلى تسويتها مع دفع غرامات، إلا أنه لم يتم إدانة واضحة في غالبية الدعاوى التي نظرت فيها الهيئة.
إن ذلك يعكس تعقيد العملية وصعوبة تحقيق الإدانة في حالات التلاعب، ويشير إلى أن التلاعب في السوق يبقى أمرًا معقدًا وغير سهل الكشف عنه.
وفقًا لكتاب “الكتاب الصغير حول التلاعب في السوق: دليل أساسي”، يشير إلى أنه على الرغم من صعوبة إثبات حالات التلاعب في أسواق الأسهم حول العالم من الناحية القانونية، حيث يتطلب ذلك وجود دلائل موثوقة وشهادات، وهو أمر نادر الحدوث، ما لم تكن هناك “دلائل مالية” تشير إلى وجود عمليات تلاعب متكررة.
المؤلف جروجري دورستن يشير إلى حالة مشهورة حدثت في عام 2008، عندما اتهم بنكي J.P. Morgan Chase وHSBC بالتلاعب في سوق الفضة من خلال سلسلة من أوامر البيع الآجل والبيع على المكشوف للمعدن النفيس بشكل منظم، مما أدى إلى انخفاض أسعار عقود الفضة.
ووفقًا لدعاوى قضائية رفعها مستثمرون في سوق المعادن النفيسة، أدى ذلك إلى انخفاض سعر الفضة من 16 دولارًا للأوقية – الذي بلغته في عام 2007 – إلى أقل من 8 دولارات للأوقية في عام 2008. وخسرت الفضة بشكل عام 25% من قيمتها خلال عام 2008، في حين حقق البنكان أرباحًا كبيرة.
ويشير دورستن إلى أنه من الصعب اقتصاديًا فهم الرهان على الفضة وحدها في عقود البيع على المكشوف، بالإضافة إلى أن سعر الذهب – الذي عادة ما يتحرك في اتجاه متوازن مع الفضة – ارتفع في عام 2008 بسبب الطلب عليه في ظل الأزمة المالية العالمية، ولم ينخفض مثلما تراجعت أسعار الفضة.
وعلى الرغم من تقديرات الادعاء بوجود “تلاعب” تسبب في ربح الملايين من الدولارات للبنكين خلال عام 2008، والتي نظرت فيها القضاء الأمريكي في عام 2010، إلا أن القضية انتهت دون إدانة لأي من البنكين. واستغرقت القضية وقتًا قصيرًا نسبيًا بسبب أن جميع الأدلة كانت مستندة إلى التحليل الاقتصادي والفني، وليس هناك دلائل قاطعة قانونية.
