يشهد العالم يومًا بعد يوم تطورًا سريعًا في مجال التكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، الذي أصبح محط اهتمام الجميع خلال الأشهر الأخيرة، وخاصة بعد تحقيق الذكاء الاصطناعي التوليدي قفزة كبيرة في نهاية عام 2022. يُعتبر الذكاء الاصطناعي التوليدي واحدًا من أبرز التحولات التكنولوجية في التاريخ الحديث.
وبالرغم من الحماس الذي ينتاب العالم تجاه الذكاء الاصطناعي التوليدي والنمو السريع للممارسات المتعلقة به في مجال الأعمال، إلا أن هناك رؤيتين متناقضتين في أوساط المراقبين.
يعتبر الفريق الأول أن التطور الحالي مجرد “فورة” ستنتهي بسرعة، في حين يعتقد الفريق الثاني أن هذه التكنولوجيا ستنقل عالم الأعمال إلى مستوى جديد وغير مسبوق من التطور.
تفاؤل بنك “غولدمان ساكس”
وفي هذا النقاش، انضم محللو بنك “غولدمان ساكس” إلى الفريق المتفائل بإمكانيات الذكاء الاصطناعي في عالم الأعمال.
ففي مذكرة بحثية حديثة، أشار المصرف الأمريكي إلى أن الذكاء الاصطناعي سيزيد إنتاجية العمال ويقلل تكاليف العمالة للشركات، وسيكون له تأثير إيجابي كبير في هذا المجال.
ويعتقد محللو غولدمان ساكس أن تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي التوليدي يجب أن تكون لها تأثير ملموس في الفترة بين عامي 2025 و2030، وربما تبدأ الشركات في تعزيز أرباحها قبل ذلك الحين. ومن المتوقع أن يكون هناك فائزون في القصير المدى وفائزون في البعيد المدى من هذه التكنولوجيا.
توضح المذكرة البحثية للمصرف الأميركي أن الفائزين على المدى القصير هم منتجوا التقنيات الأساسية التي تسهم في تشغيل الذكاء الاصطناعي، بينما الفائزين على المدى البعيد يشملون قطاعات متعددة. ويؤكد الدكتور ألفرد رياشي، عضو اللجنة التنفيذية في المنتدى الاقتصادي العالمي، أن المذكرة البحثية تعتبر مهمة لأنها تقدم رؤية واضحة حول مستقبل الذكاء الاصطناعي التوليدي وتأثيره الهام في الأعمال. ويشدد على أن تقسيم الفائزين بهذه التقنية إلى فئتين هو أمر طبيعي، حيث يكون الفائز الأول هو منتج التقنية والفائز الثاني هو من يستخدمها بكفاءة. ويوضح رياشي أن المذكرة قامت بتقسيم الفائزين على المدى القصير إلى ثلاث فئات، وتشمل الفئة الأولى منتجي التقنيات الأساسية التي تسمح بتشغيل الذكاء الاصطناعي مثل شركات إنتاج الرقائق والموصلات. كما تشمل الفئة الثانية شركات التكنولوجيا مثل مايكروسوفت وغوغل وأمازون التي تطور تقنيات الذكاء الاصطناعي.
وتشمل الفئة الثالثة شركات ومنصات مواقع التواصل الاجتماعي والشركات التي تنتج برامج مثل الفوتوشوب. ويلاحظ أن الذكاء الاصطناعي سيمكن منصات التواصل الاجتماعي من تحسين إعلاناتها وزيادة أرباحها من الإعلانات. ويؤكد الخبير زياد مرتضى أن المذكرة البحثية أظهرت تفاؤلًا بالنجاحات الطويلة المدى للذكاء الاصطناعي، مشيرًا إلى أنه سيعزز إنتاجية العمال ويمكن الشركات من تخفيض عدد الموظفين وتحسين إيراداتها، على الرغم من أنه سيتسبب أيضًا في البطالة بين العمال.
وفقًا لمرتضى، يمكن أن يكون الفائزون على المدى البعيد من الذكاء الاصطناعي هم الأطراف التي تعتمد على الحلول التي ستوفرها الشركات الرائدة في هذا المجال مثل غوغل ومايكروسوفت وأوبن أيه آي وغيرها. وأشار إلى أن قائمة الفائزين التي أعدها مصرف جولدمان ساكس على المدى البعيد تتضمن شركات في قطاعات الخدمات والطب والمالية والطاقة والسيارات والإعلام والترفيه والتجزئة والعقارات. وهذا يشير إلى التأثير الإيجابي الذي سيكون له الذكاء الاصطناعي في مختلف قطاعات الأعمال، ولذلك يجب أن يكون العالم مستعدًا بشكل فعلي للثورة المقبلة في الاقتصاد العالمي.
ويعتبر مرتضى أن الذكاء الاصطناعي هو تحول تكنولوجي ثوري سيؤثر على حياتنا بعدة طرق، حيث سيساعد في تحسين كفاءة الإنتاج وتقليل الأخطاء البشرية، وسيساعد أيضًا في اتخاذ قرارات ذكية مبنية على المعرفة والأدلة. ويرى أن الشركات التي ستستفيد الأكثر من الذكاء الاصطناعي هي تلك التي تواجه تكاليف عمالة مرتفعة، حيث ستساعدها هذه التقنية كثيرًا في توفير المال وزيادة الإنتاجية.