بعد تكبدها خسائر هائلة خلال الأسبوع الماضي، تأثرت أسعار النفط بشكل كبير بالتطورات الحالية في غزة. فقد شهدت الأسعار ارتفاعًا يتجاوز 4% في بداية تعاملات يوم الاثنين نتيجة التصعيد الحاصل في غزة.
على الرغم من أن الصراع الحالي في غزة لا يشكل تهديدًا مباشرًا على خطوط إمداد النفط أو مصادره الرئيسية، إلا أن الأسواق تنظر إلى الأبعد من ذلك. تحديدًا، هناك قلق بشأن احتمالية توسع الصراع ليشمل أطرافًا أخرى، ولا سيما إيران. فقد ارتفع إنتاج النفط الإيراني بأكثر من 700 ألف برميل يوميًا منذ بداية العام، ووصل إلى أعلى مستوى له في خمس سنوات بحوالي 3.25 مليون برميل يوميًا. استفادت طهران من تخفيف التوترات مع واشنطن وتجاوزها لقضية صادرات النفط الإيراني، ويرى البعض في ذلك تحركًا يهدف إلى احتواء ارتفاع أسعار النفط من قبل إدارة بايدن.
ومع التصعيد الأخير في غزة، يعتقد الأسواق أن الإدارة الأميركية قد تعود لتشديد القيود على صادرات النفط الإيراني، مما قد يؤدي إلى زيادة أسعار النفط. ووفقًا لتحليلات غولدمان ساكس، فإن كل تراجع بمقدار 100 ألف برميل يوميًا في إنتاج النفط الإيراني سيؤدي إلى زيادة بقيمة دولار واحد في أسعار النفط خلال عام 2024.
تتركز اهتمام أسواق النفط في المستقبل على حجم الرد الإسرائيلي إذا ثبت تورط إيران في الهجوم الأخير. ويشير تقرير سيتي غروب إلى أن الخطر الأكبر يكمن في هجوم مباشر من إسرائيل على إيران، مما قد يؤدي إلى رد إيراني يستهدف مضيق هرمز. يُذكر أن مضيق هرمز يعتبر ممرًا مهمًا لنقل نحو 17 مليون برميل يوميًا من النفط والمنتجات البترولية، وهو يعادل خمسة شحنات نفط عالمية.
ومع ذلك، يُعتبر هذا السيناريو غير محتمل تمامًا ولا يعكسه تحركات أسعار النفط الحالية التي لا تشير إلى وجود خطر مرتفع بهذا القدر. وبالتالي، تستبعد الأسواق والبنوك العالمية حدوث هذا السيناريو.
توقعات البنوك العالمية تشير إلى ما يلي:
- غولدمان ساكس: لا تغيير في توقعات وصول أسعار النفط إلى 100 دولار للبرميل بحلول يونيو المقبل.
- سيتي غروب: الصراع الحالي سيؤدي إلى زيادة في أسعار النفط، ولكن السؤال يتعلق بمدى استمرار ذلك.
- مورغان ستانلي: التأثير على أسعار النفط سيكون محدودًا نظرًا لبُعد منطقة الصراع الحالية عن خطوط الإمداد.
وفقًا لتحليل غولدمان ساكس وسيتي غروب، يعتقدون أن التصعيد الأخير في غزة قد يؤثر على إمكانية تطبيع العلاقات السعودية الإسرائيلية في المستقبل القريب. وبالتالي، قد يتأخر القرار السعودي بخفض إنتاج النفط في وقت مبكر. وبناءً على ذلك، يتوقع غولدمان ساكس أن يستمر إنتاج النفط السعودي عند مستوى 9 ملايين برميل يوميًا في الربع الأول من عام 2024، ثم يتم زيادة الإنتاج بمقدار 250 ألف برميل يوميًا في كل ربع.
وبشكل عام، لا يمكن أن يكون للتأثير الدائم على أسعار النفط إلا إذا حدث هبوط مستمر في الإنتاج أو تعطل في إمدادات النفط العالمية. وما لم يمتد الصراع الحالي إلى هذه الجوانب بشكل مباشر، فإن الارتفاع الأخير في أسعار النفط سيكون مؤقتًا وستعود الأسواق إلى النظر في الأساسيات الاقتصادية والعرض والطلب.
