تقنية التعرف على الوجه بالذكاء الاصطناعي هي تقنية حديثة تثير جدلاً واسعاً حول العالم. فمن جهة، تُعد هذه التقنية أداة أمنية فعالة يمكن استخدامها في منع الجريمة وحماية الأمن العام. ومن جهة أخرى، تثير مخاوف بشأن الخصوصية وتقييد الحريات المدنية.
تعمل تقنية التعرف على الوجه عن طريق مسح ملامح الوجه البشري وتحليلها، مثل قياس المسافات بين العينين والأنف والفم وشكل الخدين والشفتين والأذنين. فتشكل ملامح كل شخص مجتمعةً “بصمة وجه” رقمية. ويمكن للتقنية تحديد هوية الشخص عبر مضاهاة صور وجهه مع الصور المنشورة على الإنترنت أو في قواعد بيانات الحكومة أو الشرطة، مثل صور السجلات الجنائية أو جوازات السفر.
تعتمد جهات إنفاذ القانون حول العالم هذه التقنية بوتيرة متسارعة بهدف مضاهاة وجوه المشتبه بهم في الجرائم مع الصور المنشورة على وسائل التواصل الاجتماعي ورخص القيادة وصور السجلات الجنائية. وتعد الصين أكثر دول العالم استخداما لتقنية التعرف على الوجه، خاصة في مسح الحشود الكبيرة في الوقت الفعلي بحثاً عن المجرمين.
في الصين، تنتشر كاميرات المراقبة في الشوارع على نطاق واسع، وترتبط الكاميرات بقواعد بيانات ضخمة لصور وجوه المواطنين. وتستخدم أنظمة التعرف على الوجه هناك في رصد مخالفات عبور الشارع أثناء توقف الإشارة. كما استخدمت الصين تقنية التعرف على الوجوه في تقييد حركة مئات الملايين من الأشخاص خلال الشهور التالية لتفشي جائحة “كورونا” في البلاد.
يثير استخدام تقنية التعرف على الوجه مخاوف المدافعين عن الحريات المدنية، الذين يشعرون بالقلق إزاء فقدان الخصوصية وتقييد حرية التعبير. فهذه التقنية يمكن أن تستخدم للتجسس على الأشخاص دون علمهم أو موافقتهم، كما يمكن استخدامها لمراقبة التجمعات السياسية أو الدينية.
تطرح تقنية التعرف على الوجه تحديات قانونية وأخلاقية معقدة. ففي حين أن هذه التقنية يمكن أن تُستخدم في أغراض إيجابية، مثل حفظ الأمن ومنع الجريمة، إلا أنها يمكن أن تُستخدم أيضًا في أغراض سلبية، مثل انتهاك الخصوصية وتقييد الحريات.
