رفع البنك المركزي الأمريكي سعر الفائدة إلى أعلى مستوياته، منذ 16 عاماً، سعيا منه لضمان استقرار الأسعار. مشيراً في الوقت نفسه إلى توجه لتليين خطواته المستقبلية على خلفية مؤشرات تدل على تباطؤ اقتصادي في الولايات المتحدة.
ورفع الفدرالي سعر الفائدة بنسبة 0.25 نقطة في المئة، للمرة العاشرة على التوالي خلال 14 شهراً.
ليتراوح بذلك سعر الفائدة بين 5% و 5.25% .
وأعلن البنك المركزي في بيان له انه سيأخذ في الاعتبار التشديد المتراكم للسياسة النقدية، والتأثيرات السلبية لهذه السياسة على الاقتصاد في قراراته المستقبلية.
وأدى السعر المرجعي العالي، في أكبر اقتصاد عالمي، إلى ارتفاع حاد في تكلفة القروض، مما حتم تباطؤ النشاط في قطاعات مثل الإسكان، وكان له دور في إفلاس ثلاثة مصارف أمريكية في الفترة الأخيرة.
وقال رئيس البنك المركزي الأمريكي، جيروم باول، في مؤتمر صحفي، بعد الإعلان: ” لم نعد نقول إننا نستبق زيادات إضافية في سعر الفائدة”، واصفا الإجراء بأنه “تغيير كبير”.
ولكنه رفض استبعاد إجراءات إضافية، قائلا: “سوف نرى ما تأتي به البيانات الجديدة”.
وشرع البنك المركزي في رفع أسعار الفائدة بشكل قوي، العام الماضي، عندما سجلت الأسعار في الولايات المتحدة ارتفاعا بوتيرة هي الأسرع منذ عقود.
البنوك المركزية حول العالم
ولجأت البنوك المركزية عبر العالم، بما فيها بريطانيا والاتحاد الأوروبي، إلى إجراءات مماثلة.
وتجعل أسعار الفائدة العالية من الصعوبة بمكان شراء بيت أو الاقتراض لتوسيع نشاط أو الاستدانة مرة ثانية. ويتوقع المسؤولون أن يؤدي ارتفاع التكلفة إلى تراجع الطلب وتخفيف الأسعار.
ومنذ أن بدأ البنك المركزي الأمريكي حملته ظهرت مؤشرات هدوء الأسعار.
البنوك
رفعت معظم البنوك المركزية في منطقة الخليج العربي أسعار الفائدة الأساسية على خلفية رفع المجلس الاحتياطي الاتحادي سعر الفائدة. حيث قررت البنوك المركزية في السعودية والإمارات والبحرين وقطر زيادة اسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس .
وقرر البنك المركزي السعودي رفع معدل اتفاقية إعادة الشراء “الريبو” بمقدار 25 نقطة أساس إلى 5.75%. كما قرر رفع معدل اتفاقية إعادة الشراء المعاكس “الريبو العكسي” بمقدار 25 نقطة أساس إلى 5.25%.
ومن جانبه،أعلن البنك المركزي الإماراتي رفع سعر الفائدة الأساسي بمقدار 25 نقطة أساس إلى 5.15%، وكذلك بالنسبة للبنك المركزي العماني الذي رفع سعر الفائدة على عمليات إعادة الشراء للمصارف المحلية إلى 5.75%.
وأوضح مصرف البحرين المركزي في بيان أنّه رفع سعر الفائدة الأساسي على ودائع الأسبوع الواحد من 5.75% إلى 6.00%. كما رفع سعر الفائدة على ودائع الليلة الواحدة من 5.50% إلى 5.75%، ورفع سعر الفائدة على الودائع لفترة أربعة أسابيع من 6.50% إلى 6.75%.
في حين قرر مصرف قطر المركزي، رفع أسعار فائدة الإيداع والإقراض وإعادة الشراء 25 نقطة أساس اعتباراً من 4 أيار، ورفع سعر الإيداع إلى 5.50% والإقراض إلى 6% وإعادة الشراء إلى 5.75%.
آراء الاقتصاديين
يرى “غريغوري داكو”، خبير الاقتصاديين في شركة الاستشارات، إي واي بارثيننون، أنه على المركزي الأمريكي أن يتحلى “بالحيطة والحذر”، ويتوقف الآن، لأن مخاطر تباطؤ النشاطات على الاقتصاد بدأت تكبر.
وقال: “مخاوف الدخول في الكساد موجودة اليوم. لا أعتقد أن معركة التضخم انتهت. ولكننا نلاحظ تباطؤاً في التضخم
تدريجياً، ولكننا في وضعية سعر الفائدة فيها مرتفع، وهو ما يشكل عائقا للنشاطات الاقتصادية، ويؤدي إلى المزيد من التباطؤ في التضخم، خلال الأشهر المقبلة”.
ويقول “بيل توبنر”، رئيس شركة بول للتصنيع في نيويورك إن الزبائن أصبحوا حذرين في الأشهر الأخيرة، بسبب المخاوف الاقتصادية.
وتراجعت شركته أيضاً عن تعبئة مخازنها بسبب ارتفاع الأسعار.
ولكنه قال إن “شركته لم تكن بحاجة إلى الاقتراض الفوري، ويأمل أن يكون تأثير التباطؤ خفيفا ولفترة قصيرة”.
وأضاف: “لاحظنا بعض الهشاشة في الأسواق بسبب التضخم، وسعر الفائدة بطبيعة الحال، ولكن على المدى البعيد نحن متفائلون”.
في حين، ترى “وبتني واتسون”، من غولدمان ساكس، أن المركزي الأمريكي قد يرفع سعر الفائدة مرة أخرى بالنظر إلى ما سيحدث في الأشهر المقبلة.
وقالت: “التضخم يسير في الطريق الصحيح ولكن التقدم كان متذبذبا، وعليه فإن التوقف عن رفع سعر الفائدة مناسب الآن، ولكن المزيد من الإجراءات محتملة، إذا استمر التضخم”.