قطع الانترنت شوطاً طويلاً منذ بدايته في الستينات من القرن الماضي، إذ تطور من كونه مجرد أداة اتصال عسكري إلى منصة هائلة وعالمية للتواصل بين ملايين الشبكات. ومع إقترابنا من نهاية العقد الثاني من القرن الواحد والعشرين،اصبح الانترنت يعاني من العديد من السلبيات، حيث أصبح التمركز والرقابة وعدم المساواة من العيوب البارزة بالاضافة الى عدم الأمان وإمكانية حدوث إختراقات من قبل أطراف خارجية. ومع ظهور عصر الإنترنت الجديد ويب 3، كل ذلك سيصبح على وشك التغيير. لما سيحدثه من طفرة وتغير جذري لمعنى الخصوصية واللامركزية القائم عليها. وهو ما جعله يلقب بالانترنت المستقبلي
وكعادتنا معكم دعونا نشرح لكم بالتفصيل التقنية الجديدة القائم عليها ويب 3 والتي تتمثل في التحول من الويب المركزي إلى ويب لامركزي، فهو يستخدم شبكات قائمة على التوصيل من نظير لنظير آخر أو ما يطلق عليها Peer To Peer وهي أكثر أماناً وخصوصية وشفافية، ولهذا يمثل ويب 3 بمثابة الإنترنت في المستقبل الذي تكون فيه البيانات أكثر أماناً، والخصوصية تُحترم على أرض الواقع، مما ينهي عصر سرقات البيانات الضخمة وانتهاك الخصوصية.
وبالتطرق لواحدٌ من أهم الدوافع القائم عليها ويب 3 هي تقنية البلوكشين، والتي بدأت بتغيير طريقة إدارة الأعمال، بدءاً من العملات الرقمية مثل بيتكوين وإيثيريوم، مروراً بأنظمة التصويت الأمنة والعقود الذكية وتحقق الهوية الرقمية الشاملة.
إن اللاعبين الرئيسيين في صناعة التكنولوجيا بالفعل يدركون إمكانيات ويب 3.0. إذ تستثمر الشركات مثل فيسبوك وجوجل وأمازون في تقنيات البلوكتشين للحصول على حصتهم من الكعكة. ومع ذلك فإن ويب 3.0 لا يتعلق فقط بالشركات الكبيرة، بل يهدف إلي إنشاء نوع جديد من الإنترنت يتحكم فيه مستخدموه، وليس حكراً على عدد قليل من الشركات.
كما سيعيد ويب 3 تعريف طريقة تفاعل الأشخاص مع الإنترنت، حيث ستمكن تطبيقات اللامركزية القائمة على تقنية البلوكشين والمعروفة باختصار DApps ، المستخدمين من التفاعل مع الشبكة بطرق جديدة تماماً. وسيكون لتطبيقات DApps، مقاومة للرقابة وشفافية وأكثر كفاءة بفضل طبيعتها اللامركزية. كما أصبح من السهل الوصول إلى الإنترنت. حالياً، حيث يفتقر نحو نصف سكان العالم إلى الوصول إلى الإنترنت، سواء بسبب عدم الاستقرار المالي أو الرقابة الحكومية. ولكن مع ويب 3، يمكن أن يتغير ذلك لأن تقنية البلوكشين يمكن أن توفر الوصول إلى الإنترنت باستخدام ميكروبيمنتس للعملات المشفرة، لذا لم يعد يعتمد الناس على الحكومة أو الشركات لضمان حق الوصول إلى المعلومات.
وبالاضافة الى كل ما سبق سيترتب على الإنترنت في المستقبل موجة جديدة من الأمان، حيث تجعل شبكات Peer to Peer من الصعب بشكل لا يُصدّق الوصول والتدخل في البيانات من قبل أطراف خارجية بدلاً من الاعتماد على قواعد البيانات المركزية، التي تعرض للهجمات الإلكترونية، مما يجعل من الصعب القيام بالاختراقات وانتهاك البيانات.
فماذا ننتظر من ويب 3.0؟ هناك بعض التغييرات الرئيسية التي سنراها:
الإنترنت اللامركزي: لن يعتمد ويب 3.0 على الخوادم المركزية. بدلاً من ذلك، فإنه سيستخدم شبكة لامركزية من الحواسيب لتخزين ومشاركة البيانات والمعلومات. مما سيجعل الإنترنت أكثر أمانًا وخصوصية ومقاومة للرقابة.
نماذج أعمال جديدة: ويب 3.0 سيتيح لنماذج الأعمال الجديدة الإزدهار. بفضل الرموز الرقمية، يمكن للشركات جمع الأموال بدون وسيط. ويمكن للمستخدمين أن يحصلوا على مقابل مشاركتهم في هذا الشبكة، وبالتالي يتم إيجاد مصدر جديد للدخل.
زيادة الخصوصية: مع زيادة الانتهاكات لخصوصية البيانات، يعد ويب 3.0 بتعزيز الخصوصية بإتاحة السيطرة للمستخدمين على بياناتهم وتحديد من يمكنهم الوصول إليها.
تحسين الأمان: سيكون لويب 3.0 إمكانية لتحقيق أمان أفضل من الإنترنت الحالي. فمع العقود الذكية، يمكن تنفيذ المعاملات بدون وسيط، مما يجعل الشبكة أكثر أمانًا.
تجربة مستخدم أفضل: سيمكن ويب 3.0 التفاعلات السلسة بين التطبيقات المختلفة. حيث يمكن للمستخدمين نقل البيانات بين التطبيقات المختلفة دون الحاجة إلى منصات التبادل الطرف الثالث.
فمع وصول ويب 3 يتاح فرصة فريدة لإعادة التفكير وإعادة التصميم وإعادة تعريف الإنترنت بطريقة تعود بالنفع على الجميع، وليس فئة معينة. فبمساعدة تقنية البلوكشين وتطبيقات اللامركزية وشبكات Peer to Peer، سيكون هناك عصر جديد من التطبيقات الآمنة والشفافة القائمة على الخصوصية فإذا استطاع ويب 3 تحقيق وعوده، فإنه يملك القدرة على تغيير العالم كما لم نعرفه من قبل. ومع ذلك، يشكك البعض بوجود ما يثير القلق من استخدام ويب 3.0. حيث أنه مبني على تقنية البلوكتشين والتي لا تزال في مراحلها المبكرة من التطور وتعاني من بعض المشاكل في الانتشار. .وبالإضافة لعدم وجود قوانين ومعايير قد تؤثر على امكانية انتشاره بميزاته الكاملة. ومع ذلك فنحن على مشارف عصر التحول الرقمي الذي سنشهد به طفرة تكنولوجيا هائلة قد تجعل المستحيل ممكناً.